مساء الخير ، اكتب بعد يوم منجز انتهيت فيه من مهام عملي مبكراً و بقي لي فيه وقت أكمل قراءة كتاب اشتريته من جرير قبل أيام.
الليالي البيضاء .. قراءتي الأولى لدوستويفسكي و مدخلي للأدب الروسي.

تحكي عن شاب حالم مهزوز و منطوي يعاني من شدة وحدته ، يلتقي بفتاة ساذجة ضعيفة مكبلة بمشاعر الحب الأول و يحاول مساعدتها و تبدأ علاقته فيها المحتومة بالخذلان. رواية عميقة قرأتها بحماسة، فيها شاب من شدة وحدته يكلم المباني و يعتقد بأن جميع الناس يهربون منه. و فتاة عاشت حياتها محبوسة و مربوطة لا تخرج إلا بعد أن تنام جدتها التي تخاف عليها حتى من الكتب، و حبيب مختفي ! رواية تشعر فيها بكل شعور سلبي يحس فيه الإنسان الذي يعيش وحدة شديدة أثرت على عقله و مشاعره و حتى كلامه. ناقشت الرواية مع صديقة لي و تسائلنا ما الذي حدث للبطل و جعله وحيداً منبوذاً خائفاً يحدث المباني و ينفر منه الناس - على حد قوله - الرواية لا تناقش ماضيه فهو مجهول متروك لخيالنا ! ماذا تعرض له البطل و جعله بهذه الروح الخائفة الضعيفة ،، فهو حتى عندما خذلته ناستنكا سامحها و شكر الله على فتات السعادة التي أحسها لثواني قبل أن تخذله هي الأخرى. جعلتني الرواية أتسائل أسئلة مثل : هل. فشل البطل لأنه انهزامي يقبل القليل ؟ هل الحظ السيء جزء من حياة بعض الناس ولا يفارقهم حتى و إن جاهدوه بالعمل الدؤوب ؟ هل تأثير الوحدة فقط يجعل عقل الإنسان و كلامه غريب لدرجة أن الناس ينفرون منه أم هو مريض عقلي أصلاً و الوحدة أخرجت مرضه ؟
في بداية قراءتي كنت أراه رومانسي حالم يحب الطبيعة و يعيش في خيال وردي فقط و لكن اكتشفت أنه انهزامي متعطش لأي تواصل بشري لدرجة أن كلامه مصطنع لم تفهمه حتى ناستنكا و طلبته البساطة و لم يتجاوب معها بل و هددها بأنه سيسكت فهو لا يعرف إلا هكذا !
و ناستنكا الفتاة العاشقة التي أحبت شاباً استأجر غرفة في منزل جدتها و الذي بعد صدمته بخبر حبها له رحم بكاؤها و وعدها بالعودة بعد سنة ليقرر ان كان سيتزوجها أم لا .. ثم تأتي السنة و يعود و لكن لا يتواصل معها فتنهار. حبها الساذج و استماتتها على التواصل مع شخص لم يكن يرد عليها حتى ضايقني و رفع ضغطي للأمانة ،، يا شيخة أرحمي نفسك ! لا أحب الذل و الإنهزامية و يعني لي جداً ان الإنسان يحافظ على كرامته بقدر استطاعته ،، بالرغم من ان عدم رد "حبيبها" عليها بعد عودته لبطرسبرغ لم يتجاوز أيام إلا أن مشاعرها و بكاؤها كرهني فيه و فيها.
المحزن في الرواية هو البطل مجهول الإسم و التاريخ الذي ما إن وجد إنسانه تقبل الحديث معه و تخرجه من وحدته حتى خذلته و باعت صداقته و حبه الذي اختار الإفصاح عنه في الوقت الغلط. تعمُق دوستويفسكي بمشاعر و أفكار شخصياته جعلني أتعاطف معها و أتعلق بها و أدخل عالم ممتع جداً بالرغم من بؤسه و سوداويته.
تقييمي على قودريدز هنا. انتهى.